الخميس، نوفمبر ٢٦، ٢٠٠٩

محمد السيد سعيد و مصطفى محمود – الفصام الثقافي في المجتمع المصري

مايجمع هذين الرجلين في هذا الموضوع هو وفاتهم في توقيت متقارب. في الحقيقة لم اكن سمعت قط عن محمد السيد سعيد , ولكني لاحظت بوضوح تدافع جموع المثقفين و الصحفيين في رثاؤه. دفعني فيض المديح الي البحث عنه و قراءة بعض من كتاباته , وكانت دهشتي شديدة حينما فوجئت بكاتب صاحب رؤية أصيلة ومواقف نبيلة , وحزنت لوفاة مثل هذا الكاتب مجهولا بين السواد الأعظم من بني وطنه , معلوما فقط بين زمرة من المثقفين و النابهين.
أما الدكتور مصطفى محمود فكان رمزا فكريا لأبناء جيلي , كانت كتبه المثيرة و اراؤه الصادمة محط انتباه ومثار إعجاب وانبهار الكثير من الشباب. وكما تطور الجيل وكلما كبر الشباب ونضجت الافكار , كان يتطور معهم كاتبهم الأثير , وينتقل من مرحلة فكرية الى أخرى مواصلا ابهارهم ومحافظا على ولائهم و اعجابهم.
و كانت المفاجأة الكبرى عند وفاته , فلم اشهد حملات رثاء وقصائد مديح من الكتاب والصحفيين مثل التي شاهدتها عند وفاة محمد السيد سعيد. وهذه هي المفارقة التي اربكتني , بين رجل عظيم عرف قيمته زملاؤه من الصحفيين والكتاب, ولم يعرفه الناس , ورَجل عظيم اخر , عرف الناس قيمته وفضله التي لم تجد من يقدرها من الكتاب والصحفيين!
كلاهما رجل عظيم , ضرب في حياته مثلا نبيلا في تطابق الافعال مع الأقوال , بينما كانت في وفاتهم إشارة و شاهد على الفصام الثقافي في المجتمع المصري.

ليست هناك تعليقات: