في خضم الدعوات المتتاليه للتغيير , ونشر الوعي بين الناس بمدى التردي الذي وصلنا اليه بمعايير العالم المتحضر , ومحاوله شحذ الهمم للمشاركه في عمليه تحول جذرية نحو ديمقراطيه حقيقيه , اذ ربما تقيلنا من عثرتنا و تضعنا على الطريق الصحيح للرقي , فوجئت بقضية فرعية في باب الصراعات الطائفية في مصر .. و في البدايه لم أعر الأمر اهتماما , فهي حلقه في سلسله لا تنتهي من شرارات طبيعية لكن الإعلام يوزعها على الجميع -من باب المهنية وربما الرزق- والمنتفعين وفارغي العقول يزيدونها اشتعالا عن جهل متعمد وغير متعمد. ولكن نقطه فاصله أثارت فضولي وتساؤلاتي , وهي حجم الحشود التي شاركت في الوقفات الإحتجاجية والمظاهرات ,حيث كانت الأعداد تفوق كثيرا أي مظاهرة أو وقفه احتجاجيه مرتبطه بالديمقراطية أو انتهاك الحقوق!
تفائلت في البدايه -بسذاجه- لإنتشار الوعي إلى الدرجة التي دفعت الاف المصريين للخروج مطالبه بـحريه انسانه في الإختيار , ولكني أدركت لاحقا ان الغالبيه ممن خرجوا في هذه المظاهرات لم و لن يشاركوا في أي وقفه أو مظاهرة معنية بحرية الوطن!
وعدت إلى مربع اليأس , متابعا لأضخم المظاهرات المطالبه بالديمقراطية التي يحتشد فيها عشرات!
وفي محاوله لفهم هذه المعضله , لربما اتوصل إلى السر الذي يستطيع تحريك المصريين , اضطررت لمتابعه القضية الشهيره "لكاميليا" .. وبتتبع طرف الخيط وصلت إلى كبار الشيوخ السلفيين , الذين لهم ألاف مؤلفه من المريدين و التابعين , و يعملون في مجال الدعوه ونشر الدين من خلال معاهد ومراكز و مؤخرا من خلال فضائيات. لطالما كانت لهم معامله تفضيليه من قبل النظام و تسهيلات امنية كثيره منحت لهم ومنع عن غيرهم أقل منها بكثير. والسبب في هذا التساهل الأمني هو ابتعاد السلفيين تماما عن أمور السياسه قولا وعملا , وهو اتفاق ضمني غير مكتوب , ربما يكون شرعي ولكنه في ظني اضر كثيرا بمصلحة الوطن , اذ ان الكثيرين من هؤلاء السلفيين ومريديهم يملكون البصيره الحقيقيه لإدراك حجم الضرر الذي اصاب البلد من جراء غياب العداله وانتشار الفساد , والكثيرين منهم أيضا يملك القدره على الإقدام وبذل التضحيات. ولذلك كان اعتزالهم السياسه -في ظني- من أسباب تدهور الوضع و استفحاله.
وظلت المعاهده ساريه حتى جاءت قضية كاميليا , فحشدوا الالاف غضبا , ولا أحسبه غضبا لتقييد حرية كاميليا كإنسان , ولكنها غضبه ضد سطوه الكنيسة التى فاجأتهم بتأثيرها على النظام في حسم القضية لصالحها. استنتاجي هذا -وربما يكون خطأ- سببه عدم قيام السلفيين بأي وقفه أو موقف ازاء انتهاك حريات وحقوق كثير من الإخوة أو الأخوات المسلمات في مواقف عديده فيما نعرف وما لم نعرف. لم نسمع لهم صوتا في حادثه خالد سعيد , برغم ان الحادثة اكثر دموية انتهت بـازهاق روح "مسلمه".
الملحوظه الأخرى الجديره بـالإنتباه هي حرص النظام على عدم فض المعاهده , وهذا واضح من التعامل الأمني الناعم -مقارنه بالقوه المفرطة مع العشرات المطالبين الديمقراطية ومنع التوريث- مع الالاف المتظاهرين. ويبدو ان النظام يدرك جيدا حجم السلفيين وصلابتهم , وليس لديه ادنى استعداد لتصعيد المواجهه ضدهم. واختار النظام ان يتعامل مع المشكله بطريقته المعتاده في الأمور الجسام , ألا وهي تجاهل المشكله تماما حتى ينشغل الناس عنها بمشاكلهم الأخرى التي لا تنتهي. مع القيام بدور الرقيب العادل (والتحجيز الأمني) حتى يمل الناس من الوقفات والمظاهرات وينصرفوا عنها أو ينصرفوا عن متابعه من لم ينصرفوا.
و للذكرى .. من بين عشرات المقالات والتحليلات التي قرأتها في قضية كاميليا لكبار وصغار الكتاب , اقف عند مقالة الدكتور جلال أمين:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق